فصل: تفسير الآية رقم (114):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآيات (109- 111):

{فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109) وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) وَإِنَّ كُلا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111)}
{فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ} في شك، {مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ} أنهم ضُلال، {مَا يَعْبُدُونَ إِلا كَمَا يَعْبُدُ} فيه إضمار، أي: كما كان يعبد، {آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ} حظهم من الجزاء. {غَيْرَ مَنْقُوصٍ}.
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} التوراة، {فَاخْتُلِفَ فِيهِ} فمِنْ مصدق به ومكذب، كما فعل قومك بالقرآن، يُعزي نبيه صلى الله عليه وسلم {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ} في تأخير العذاب عنهم، {لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} أي: لَعُذِّبوا في الحال وفُرِغ من عذابهم وإهلاكهم، {وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} موقع في الريبة والتهمة.
{وَإِنَّ كُلا} قرأ ابن كثير ونافع وأبو بكر: {وإنْ كلا} ساكنة النون على تخفيف إن الثقيلة، والباقون بتشديدها، {لَمَّا} شددها هنا وفي يس والطارق: ابن عامر وعاصم وحمزة، وافق أبو جعفر هاهنا، وفي الطارق وفي الزخرف، بالتشديد عاصم وحمزة والباقون بالتخفيف، فمن شدد قال الأصل فيه: {وَإِنَّ كُلا} لمن ما، فوصلت من الجارة بما، فانقلبت النون ميما للإدغام، فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت إحداهن، فبقيت لما بالتشديد، وما هاهنا بمعنى: مَنْ، هو اسم لجماعة من الناس، كما قال تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ} [النساء- 3]، أي: من طاب لكم، والمعنى: وإنَّ كلا لمن جماعة ليوفينهم.
ومن قرأ بالتخفيف قال: ما صلة زيدت بين اللامين ليفصل بينهما كراهة اجتماعهما، والمعنى وإن كلا ليوفينهم.
وقيل ما بمعنى مَنْ، تقديره: لمن ليوفينهم، واللام في {لما} لام التأكيد التي تدخل على خبر إن، وفي ليوفينَّهم لام القسم، والقسم مضمر تقديره: والله، {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} أي: جزاء أعمالهم، {إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

.تفسير الآيات (112- 113):

{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (113)}
قوله عز وجل: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} أي: استقم على دين ربك، والعمل به، والدعاء إليه كما أمرت، {وَمَنْ تَابَ مَعَكَ} أي: ومن آمن معك فليستقيموا، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثعلب.
أخبرنا الإمام الحسين بن محمد القاضي، أخبرنا أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان، أخبرنا والدي إملاء، حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن العلاء بن كريب، حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت، يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك، قال: «قل آمنت بالله ثم استقم».
{وَلا تَطْغَوْا} لا تجاوزوا أمري ولا تعصوني، وقيل: معناه ولا تغلوا فتزيدوا على ما أمرتُ ونهيتُ.
{إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} لا يخفى عليه من أعمالكم شيء. قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية هي أشدّ عليه من هذه الآية، ولذلك قال: «شيبتني هود وأخواتها».
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عبدالسلام بن مُطَهَّر، ثنا عمر بن علي، عن معن بن محمد الغفاري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الدين يُسر ولن يشادَّ الدينَ أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدُّلْجة».
قوله عز وجل: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: ولا تميلوا. والركون: هو المحبة والميل بالقلب، وقال أبو العالية: لا ترضوا بأعمالهم. قال السدي: لا تداهنوا الظلمة. وعن عكرمة: لا تطيعوهم. وقيل: لا تسكنوا إلى الذين ظلموا. {فَتَمَسَّكُمُ} فتصيبكم، {النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} أي: أعوان يمنعونكم من عذابه، {ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ}.

.تفسير الآية رقم (114):

{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)}
قوله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} أي: الغداة والعشي. يعني: صلاة الصبح والمغرب، قال مجاهد: طرفا النهار صلاة الصبح والظهر والعصر. {وزُلَفًا من الليل}، صلاة المغرب والعشاء.
وقال مقاتل: صلاة الفجر والظهر طرف، وصلاة العصر والمغرب طرف، وزُلَفًا من الليل، يعني: صلاة العشاء.
وقال الحسن: طرفا النهار. الصبح والعصر، وزلفا من الليل: المغرب والعشاء. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: طرفا النهار الغداة والعشي، يعني صلاة الصبح والمغرب.
قوله: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} أي: ساعاته واحدتها زلفة. وقرأ أبو جعفر {زُلُفًا} بضم اللام.
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} يعني: إن الصلوات الخمس يذهبن الخطيئات.
رُوي أنها نزلت في أبي اليَسَر، قال: أتتني امرأة تبتاع تمرا فقلت لها: إن في البيت تمرا أطيب منه: فدخلت معي البيت، فأهويت إليها فقبلتها، فأتيتُ أبا بكر رضي الله عنه فذكرت ذلك له فقال: استر على نفسك وتب، فأتيت عمر رضي الله عنه فذكرت ذلك له، فقال: استر على نفسك وتُبْ، فلم أصبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: «أخلفتَ غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟!» حتى ظن أنه من أهل النار؟ فأطرق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أوحى الله إليه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألهذا خاصة أم للناس عامة؟ قال: «بل للناس عامة».
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل أنبأنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا أصاب من أمرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} قال الرجل: يا رسول الله ألي هذا؟ قال: «لجميع أمتي كلهم».
وأخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر، أنبأنا عبد الغافر بن محمد، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، حدثنا مسلم بن الحجاج، حدثني أبو طاهر، وهارون بن سعيد الأيلي، قالا حدثنا ابن وهب، عن أبي صخر، أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدَّثه عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».
وأخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا محمد الحسين بن أحمد المخلدي، أنبأنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، أنبأنا قتيبة، أنبأنا الليث وبكر بن مضر، عن ابن الهادي، عن محمد ابن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا. قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس، يمحو الله بهن الخطايا».
قوله عز وجل: {ذَلِك} أي: ذلك الذي ذكرنا. وقيل: هو إشارة إلى القرآن، {ذِكْرَى} عظة {لِلذَّاكِرِينَ} أي لمن ذكره.

.تفسير الآية رقم (115):

{وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115)}
{وَاصْبِرْ} يا محمد على ما تلقى من الأذى. وقيل: على الصلاة، ونظيره {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه- 132] {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} في أعمالهم.. قال ابن عباس رضي الله عنهما: يعني المصلين.

.تفسير الآيات (116- 119):

{فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأرْضِ إِلا قَلِيلا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119)}
قوله عز وجل: {فَلَوْلا} فهلا {كَانَ مِنَ الْقُرُونِ} التي أهلكناهم، {مِنْ قَبْلِكُمْ} والآية للتوبيخ {أُولُو بَقِيَّة} أي: أولو تمييز. وقيل: أولو طاعة. وقيل: أولو خير. يقال: فلان ذو بقية إذا كان فيه خير. معناه: فهلا كان من القرون من قبلكم من فيه خير ينهى عن الفساد في الأرض؟ وقيل: معناه أولو بقية من خير. يقال: فلان على بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة.
{يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأرْضِ} أي يقومون بالنهي عن الفساد، ومعناه جحد، أي: لم يكن فيهم أولو بقية. {إِلا قَلِيلا} هذا استثناء منقطع معناه: لكن قليلا {مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} وهم أتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد في الأرض. {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا} نعموا، {فِيهِ} والمُترَف: المُنَعّم. وقال مقاتل بن حيان: خولوا. وقال الفراء: عُودوا من النعيم واللذات وإيثار الدنيا أي: واتبع الذين ظلموا ما عودوا من النعيم واللذات وإيثار الدنيا على الآخرة. {وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} كافرين.
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ} أي: لا يهلكهم بشركهم، {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} فيما بينهم يتعاطون الإنصاف ولا يظلم بعضهم بعضا، وإنما يهلكهم إذا تظالموا، وقيل: لا يهلكهم بظلم منه وهم مصلحون في أعمالهم، ولكن يهلكهم بكفرهم وركوبهم السيئات.
قوله عز وجل: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ} كلهم {أُمَّةً وَاحِدَةً} على دين واحد. {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} على أديان شتى من بين يهودي ونصراني، ومجوسي، ومشرك.
{إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} معناه: لكن من رحم ربك فهداهم إلى الحق، فهم لا يختلفون، {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} قال الحسن وعطاء: وللاختلاف خلقهم. وقال أشهب: سألْتُ مالكًا عن هذه الآية، فقال: خلقهم ليكون فريق في الجنة وفريق في السعير.
وقال أبو عبيدة: الذي أختاره قول من قال: خلق فريقا لرحمته وفريقا لعذابه.
وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: وللرحمة خلقهم، يعني الذين رحمهم.
وقال الفراء: خلق أهل الرحمة للرحمة، وأهل الاختلاف للاختلاف.
وحاصل الآية: أن أهل الباطل مختلفون، وأهل الحق متفقون، فخلق الله أهل الحق للاتفاق، وأهل الباطل للاختلاف.
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} وتم حكم ربك، {لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}.

.تفسير الآيات (120- 123):

{وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (122) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)}
{وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} معناه: وكل الذي تحتاج إليه من أنباء الرسل، أي: من أخبارهم وأخبار أممهم نقصها عليك لنثبت به فؤادك، لنزيدك يقينا ونقوي قلبك، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعها كان في ذلك تقوية لقلبه على الصبر على أذى قومه.
{وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ} قال الحسن وقتادة: في هذه الدنيا.
وقال غيرهما: في هذه السورة. وهذا قول الأكثرين.
خصَّ هذه السورة تشريفا، وإن كان قد جاءه الحق في جميع السور.
{وَمَوْعِظَةٌ} أي: وجاءتك موعظة، {وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}.
{وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} أمر تهديد ووعيد، {إِنَّا عَامِلُونَ}.
{وَانْتَظِرُوا} ما يحل بنا من رحمة الله، {إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} ما يحل بكم من نقمة الله.
{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأرْض} أي: علم ما غاب عن العباد فيهما، {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ} في المعاد.
قرأ نافع وحفص: {يرجع} بضم الياء وفتح الجيم: أي: يرد. وقرأ الآخرون بفتح الياء وكسر الجيم، أي: يعود الأمر كله إليه حتى لا يكون للخلق أمر.
{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وثق به، {وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} قرأ أهل المدينة والشام وحفص ويعقوب: {تعملون} بالتاء هاهنا وفي آخر سورة النمل. وقرأ الآخرون بالياء فيهما.
قال كعب: خاتمة التوراة خاتمة سورة هود.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن أبي إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله قد شبت، فقال صلى الله عليه وسلم: «شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت».
ويروى: «شيبتني هود وأخواتها».

.سورة يوسف:

سورة يوسف عليه السلام مكية.